يواصل عشرة مواطنين نوبيين مصريين قضاء أحكام طويلة بالسجون السعودية بعد مرور خمس سنوات على اعتقالهم، في قضية ترتبط بمحاولة تنظيم فعالية سلمية لإحياء ذكرى انتصار حرب أكتوبر. تكشف هذه القضية عن إصرار السلطات السعودية على تجريم التعبير الثقافي والعمل الأهلي والمعارضة السلمية، وتتناقض مع الصورة التي تروّجها المملكة عن انفتاح حقوقي مزعوم.
بحسب المركز الأوروبي للديموقراطية وحقوق الإنسان، بدأت الاعتقالات في 14 يوليو 2020، عندما داهمت قوات أمن الدولة السعودية منزل عادل سيد إبراهيم فقير، رئيس الجالية النوبية في الرياض. وامتدت الاعتقالات لتشمل تسعة آخرين من أعضاء الجمعيات النوبية، من بينهم فرج الله أحمد يوسف، وجمال عبد الله مصري، ومحمد فتح الله جمعة، وسيد هاشم شاطر، وعلي جمعة علي بحر، وصالح جمعة أحمد، وعبد السلام جمعة علي بحر، وعبد الله جمعة علي، ووائل أحمد حسن إسحق. بحسب منظمة "القسط"، جاء هذا الإجراء بسبب محاولتهم تنظيم فعالية مجتمعية سلمية في أكتوبر 2019 لإحياء ذكرى حرب 1973.
احتُجز المعتقلون في الحبس الانفرادي لمدة شهرين، ومنعوا من التواصل مع محامين طوال فترة الحبس الاحتياطي الممتدة. في أكتوبر 2022، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة أحكامًا بالسجن تراوحت بين 10 و18 عامًا، بعد إجراءات قضائية لم تلتزم بالحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة. ووفقًا لمركز الخليج لحقوق الإنسان، شملت الاتهامات الموجهة إليهم: نشر معلومات كاذبة على وسائل التواصل، وإنشاء جمعية غير مرخصة، ودعم كيان محظور. وأيّدت محكمة الاستئناف هذه الأحكام في فبراير 2023.
يعاني العديد من المعتقلين من مشاكل صحية مزمنة. ويحتاج كل من عادل فقير والدكتور فرج الله أحمد يوسف، القائد الحالي والسابق للجالية النوبية، إلى علاج منتظم. بينما حُرم آخرون من رؤية أسرهم لسنوات، وتوفيت والدة أحدهم أثناء احتجازه. وعلى الرغم من النداءات المتكررة لإيجاد حل إنساني، ما زالوا محتجزين في سجن أبها، ولا يسمح لهم سوى باتصال عائلي متقطع.
تؤكد "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" أن المحاكمة شهدت انتهاكات جسيمة، حيث مُنع المتهمون من الحصول على تمثيل قانوني مستقل، وتعرضوا للضغط للاعتراف، وأجبروا على تعديل مذكرات الدفاع لحذف أي إشارة إلى التعذيب. تعكس هذه الانتهاكات نمطًا أوسع من الإخلال بضمانات العدالة في قضايا الناشطين المدنيين ومعتقلي الرأي بالمملكة.
يزيد صمت السلطات المصرية من مأساة المحتجزين، إذ توجهت أسرهم بنداءات إلى وزارة الخارجية والمجلس القومي لحقوق الإنسان والسفارة المصرية في الرياض دون أي استجابة. هذا الإهمال الرسمي يثير تساؤلات حادة حول التزام الدولة بحماية مواطنيها، خاصة المنتمين إلى مجتمعات مدنية أو إثنية مهمّشة.
تكشف هذه القضية زيف الخطاب السعودي بشأن الإصلاح الحقوقي. ورغم الإعلان عن إطلاق سراح بعض السجناء، تؤكد "القسط" أن الكثيرين لا يزالون خلف القضبان، بينما يتعرض آخرون لمضايقات بعد الإفراج. تواصل أوضاع حقوق الإنسان تدهورها، خاصة بالنسبة للمواطنين الأجانب.
بعد خمس سنوات، تظل قضية هؤلاء النوبيين العشرة تذكيرًا صارخًا بأن التعبير السلمي في السعودية قد يؤدي إلى عقوبات بالسجن لعقود. وتستحق قضيتهم اهتمامًا دوليًا متجددًا، ومطالبة ملحّة بتحقيق العدالة.
https://www.ecdhr.org/five-years-detained-the-case-of-ten-egyptian-nubians-in-saudi-arabia/